علم النحو، وهو أحد فروع اللغويات الغنية بالتاريخ والمعرفة، له جذور عريقة تعود إلى العصور القديمة. يمكن إرجاع نشأته إلى اليونان القديمة وروما، حيث أسهم فلاسفة مثل أفلاطون وأرسطو في تطوير الأصول النظرية لهذه الدراسة. في العالم الإسلامي، يُعتبر ابن جني صاحب كتاب “الخصائص” أول من وضع أساسيات علم النحو الحديث، مستنداً إلى أعمال سابقة لأعلام اللغة العربية كسيبويه والخليل بن أحمد الفراهيدي. تأثر علماء اللغة الإسلامية بشدة بالنظريات الهندسية والأسلوب التفريقي لابن جني، مما أدى إلى ترسيخ منهج جديد لدراسة القواعد والقوانين التي تحكم تكوين الجملة العربية وترتيب كلماتها. انتشر هذا النهج نحوي نحو مختلف الثقافات والحضارات الأخرى خلال الفترات الاستعمارية والتبادلات الثقافية بين الشرق والغرب. في أوروبا، كان تأثير العرب واضحاً على المفكرين الذين طوروا نظريات لغوية مستوحاة من النحو العربي، ومن أمثلة ذلك مؤلفات رامو وموليير حول دراسة الفرنسية. في القرن الثامن عشر، شهد ظهور الاتجاهات التجريبية والنفعية مع حركة التنوير الأوروبية، الأمر الذي أثّر بدوره على نماذج جديدة للتدريس والتأليف في مجال النحو. مع تقدم العصر الحديث واستخدام التقنيات الجديدة للتحليل اللغوي الآلي، أصبح بإمكاننا اليوم مقارنة ومعالجة كميات كبيرة جدا من البيانات النصية بطرق لم تكن متاحة سابقا
إقرأ أيضا:مساحة حوارية: كم تكلفنا الفرنسة؟ كيف نحسب خسائر انحراف السياسة اللغوية في منطقتنا؟رحلة نشأة علم النحو جذوره وأصوله عبر التاريخ
مقالات قد تكون مفيدة من موسوعة دار المترجم: