المنصة العربية

بهدف الحفاظ على هوية المغاربة وخصوصيتهم الثقافية والحضارية تم إطلاق المنصة العربية تحت شعار: لا للتدريس بالفرنسية، لا للتدريس بالإنجليزية، ونعم لتدريس كل العلوم باللغة العربية حصرا !

لا يختلف العقلاء من بني البشر، على أن اللغة تشكل جزءا أساسيا وجوهريا من هوية كل شعب وأمة!

اللغة مقامها أهم من الأرض، فإن كانت الشعوب مستعدة لخوض حروب مصيرية من أجل أرضها، فهي أجدر بأن تخوض حروبا من أجل لغتها! لأن من لا لغة له، لا هوية له ولا شخصية، يعيش خارج التاريخ!
من فقَدَ لغته، فقَدَ تاريخة وحاضره ومستقبله، فقد مبادئه وقيمه، فَقَد خصوصيته الثقافية والحضارية التي تميزه عن غيره. فما بالك بلغةٍ كالعربية، التي هي وعاء الاسلام، اللغة التي اصطفاها الله لرسالته للبشرية جمعاء. بها نُقل كلام الله ورسوله، وحُفظ الى يوم الدين! فاللغة العربية هي هوية كل مسلم، جزء لا يتجزأ من شخصيته. المسلم لا يفرق بين اللغة العربية وبين الإسلام، فكما أن الإسلام ليس دين قوم وإنما دين البشرية جمعاء، فكذلك العربية ليست لغة قوم وإنما لغة المسلمين كافة أينما وجدوا في العالم، هي لغة أمة محمد. لذلك كانوا قديما يسمون المسلمين بالعرب، والحضارة الاسلامية بالحضارة العربية، ليس نسبة للقومية العربية (فالقوميات من إفرازات الاستعمار)، ولكن نسبة للغة العربية، لغة الوحي.

اللغة العربية شأنها أعظم من شأن أي لغة أخرى في الدنيا، وحبها أولى من حب أي لغة أخرى في الدنيا أو لهجة. فمن يحب الله والرسول قبل قومه وقبيلته وعشيرته وأسرته، ويحب سماع وفهم خطاب الله كما أُنزل من السماء، وحديث الرسول كما نطق به هو – صلى الله عليه وسلم-، يحب بداهة اللغة العربية قبل أي لغة أخرى في الدنيا، ويحرص على تعلمها وإتقانها. فالمسلم العربي، والمسلم الكردي، والمسلم الأمازيغي، والمسلم التركي، والمسلم الفرنسي، والمسلم الأمريكي، كل منهم سيحب اللغة العربية قبل الكردية، أو الأمازيغية، أو التركية، أو الفرنسية أو الانجليزية.

والمغاربة شعب مسلم، لا يختلف شأنه عن شأن باقي الشعوب المسلمة، اللغة العربية هي لغته الأم، هي هويته. العربية هي اللغة الأم للمغاربة منذ أن مَنَّ الله عليهم باعتناق الاسلام قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة.

فالمغاربة ليسوا وليد الاحتلال الفرنسي الحديث، بل شعب مسلم عريق حر، جذوره تعود لعصر النبوة، وأغصانه تمتد الى قاع أوروبا التي دخلها أجدادهم كأسياد فاتحين منذ بدايات الفتح العظيم للأندلس سنة 92هـ (711م)، ساهموا في تحرير شعوب أوروبا من طغيان قساوسة وملوك عصر الظلمات الأوروبي.

المغاربة دينهم الإسلام وليست نصرانية فرنسا، وثقافتهم إسلامية عربية وليست علمانية فرنسا، وقيمهم يحددها حلال الله وحرامه وليست قوانين فرنسا وفلاسفتها، ولغتهم هي لغة محمد رسول الله وليست لغة لواء الاحتلال الفرنسي هوبير ليوطي؛

واللغة العربية، لأنها لغة الوحي، هي وحدها اللغة الجامعة لكل المغاربة على اختلاف أعراقهم، عربا وأمازيغ، هي وحدها الكفيلة بمحو النعرات القومية، شأنها شأن الإسلام نفسه.

فكيف يحافظ المغاربة على دينهم وهويتهم وقيمهم وأخلاقهم وشخصيتهم إذا فقدوا لغتهم الأم، اللغة العربية؟ وكيف يحافظ المغاربة على لغتهم إذا لم تكن العربية وسيلة التواصل فيما بينهم، دون رطانة؟ كيف يحافظ المغاربة على العربية إذا لم يمارسوها في كل شؤون حياتهم، وعلى رأسها التعليم في كل مستوياته، من روض الأطفال الى الجامعات والدراسات العليا؟ وكيف تبقى اللغة العربية حية وتنمو إذا لم يساهم المغاربة في ترجمة كل العلوم ومصطلحاتها الى اللغة العربية، كالطب والصيدلة والفيزياء والكيمياء والصيدلة والهندسة وبرمجيات الحاسوب وعلم الأحياء، الخ؟

لِمَا تقدم ذكره، وكما تحرر المغاربة من الوجود العسكري لفرنسا في المغرب منذ أكثر من ستين سنة، حان الوقت ليتحرر المغاربة من الاستعمار اللغوي، حان الوقت لتعود اللغة العربية في المغرب الى مكانتها التي كانت عليها لأكثر من ألف سنة، قبل الاحتلال الفرنسي للمغرب. حان الوقت لإعادة إحياء اللغة العربية بتدريس كل العلوم باللغة العربية وفي كل المستويات الدراسية، من روض الأطفال والمدرسة والثانوية الى الجامعات والدراسات العليا، دون استثناء أي مادة بما فيها الطب والصيدلة والفيزياء والكيمياء والهندسة وبرمجيات الحاسوب وعلم الأحياء وعلم الفلك وعلم طبقات الأرض، الخ.

لذلك شعارنا:
لا لتدريس العلوم في المغرب بالفرنسية، ولا لتدريسها بالإنجليزية، لا لتدريسها بأي لغة أعجمية، ونعم لتدريس كل العلوم باللغة العربية حصرا! هذا واجبٌ على كل شعب وعلى كل دولة تحترم مبدئها وثقافتها وهويتها وخصوصياتها وتأبى التبعية للغير.

ملاحظة:
الذين يظنون أن العلوم التجريبية الحديثة لا يمكن التمكن منها إلا بتداولها ودراستها باللغة الفرنسية أو الانجليزية، مخطئون واهمون، فليست اللغة هي التي تصنع العلوم حتى تُنسب لِلُغَةٍ بعينها. فاللغة مجرد وسيلة للتعبير عن الأفكار وليست هي من يبتكر الأفكار، ولا هي من يبتكر مصطلحات وكلمات جديدة لكل ما استجد في الحياة. اللغة ليست هي من تَبُثّ الأفكار في ذهن الباحث وتحثه على القيام بهذه التجربة أو تلك. فالابتكارات من جهد البشر على اختلاف ألسنتهم ودياناتهم وألوانهم وقومياتهم، ثم يختارون اللغة التي يُدَوِّنون بها أفكارهم ونتائج أبحاثهم ويدرسونها بها، والبديهي أن كل أمة تدون وتدرس بلغتها الأم وليس بلغة غيرها من الأمم.

فليست هناك لغة لا يمكنها نقل العلوم والتعبير عن نتائج الأبحاث العلمية، بل كل لغة قادرة على ذلك، إلا إذا فرط أهل لغةٍ في لغتهم وتكاسلوا عنها. ومن ثم ليست هناك “لغة العلوم”، وإنما لكل أمة لغتها الخاصة تتعَلَّم وتُعَلِّم بها.
فاللغة الإنجليزية لم تفرض نفسها لمقوماتها الذاتية، ولكن لقوة أهلها ونشاطهم العلمي، ولضعف غيرهم واستسلامهم. فالدول هي التي تصنع العلوم، بتخصيص ميزانيات مالية سنوية ضخمة ومعاهد للأبحاث، ودعم الباحثين معنويا وماديا، وتمويل الأبحاث والمشاريع والشركات والمصانع، … وغيرها.

لذلك يجب على الدول العربية أن تعمل على دعم كافة القطاعات للنهوض بها، وان تعتمد العربية كلغة رسمية وأساسية فيها.