جون لوك ونظريته حول المعرفة مراجعة متعمقة

في عمله الرائد “مقال في الفهم البشري”، قدم جون لوك رؤيته الثورية حول كيفية تشكل المعرفة. وفقًا له، هناك ثلاثة مستويات أساسية للمعرفة: المعرفة البديهية، التي تعتمد على إدراك العقل دون حاجة لأي دليل خارجي؛ المعرفة الضمنية، التي تأتي من التحليل الدقيق للواقع باستخدام المنطق والتأمل النقدي؛ والمعرفة الحسية، التي تُكتسب من خلال التفاعلات مع العالم المحيط بنا عبر حواسنا الخمس. أحد أهم مساهماته الفكرية كان نقده لفكرة الأفكار الفطرية، حيث اعتبرها مبنية على فرضية خاطئة، مؤكداً أن الأطفال يولدون بدون أي معلومات مسبقة وأن كل ما نعرفه يأتي من خبرات حياتهم اليومية. هذا الرأي يعارض بشدة الأفلاطونية المثالية والإقليدية التي تقترح أن المعرفة هي عملية استرجاع للمعلومات المكتسبة سابقاً. لوك، قائداً للتجريبية البريطانية الجديدة، أكد أن العقل يشبه ورقة بيضاء فارغة عند الولادة وأن جميع الأفكار تولد نتيجة التعلم والحواس. ومع ذلك، واجه لوك مشكلة معقدة في مجال الأخلاق والقيم، حيث تساءل كيف يمكن تحديد نظام أخلاقي عام ومقبول عالمياً إذا كانت كل معرفتنا تستند فقط إلى التجارب الشخصية المتنوعة. على الرغم من الاختلاف الثقافي الواسع فيما نعتبره جيداً أو سيئاً، إلا أن بعض المواقف تحمل موافقة عامة واسعة، مما يدفعنا للسؤال حول ماهية الأصل النهائي لهذه المحاذير العالمية

إقرأ أيضا:محمد عبد الكريم الخطابي مؤسس لجنة تحرير المغرب العربي (يناير 1948)
السابق
عنوان استخدام تكنولوجيا الضغط الجوي نحو مدن مستدامة
التالي
نشأة المنهج البنيوي وتطوره رحلة من الفلسفة إلى العلوم الإنسانية

اترك تعليقاً