تاريخ وأحداث

دولة الأدارسة والعرب

● لعب الأدارسة دورا هاما في تعريب المغرب، بإستقطاب العرب لهذه البلاد ودعوتهم لها، وهو ما مهد لظهور أدب عربي مغربي صرف، يقول مؤرخ المملكة المغربية سابقا عبد الوهاب بن منصور ؛ 《 كما سارت البلاد المغربية على عهد الأدارسة في طريق التعريب . وذلك بوفادة القبائل العربية على المغرب للاقامة أو للعبور إلى الأندلس. وتنظيم الحكومة على أساس عربي، وانشاء مدن ذات طابع عربي، وبناء المساجد والمدارس والمعاهد وترتيب الفقهاء والعلماء بها لتعليم القرآن وأحكام الدين وقواعد اللغة العربية، ومن أعظمها جامع القرويين، وقد بدأ التاريخ يسجل لنا في هذا العصر الشعر والخطب والمراسلات ، فكان ذلكبداية لنشوء أدب عربي مغربي . (راجع هنا)

👈 ينتمي الأدارسة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فهم أبناء إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثني بن الحسن السبط بن علي رضي الله عنه، وهم أول دولة عربية قامت بالمملكة المغربية الشريفة.

👈 إعتماد الأدارسة على العرب في تنظيم شؤون دولتهم، فكان نظام الدولة المركزي يديره العرب، يقول ابن أبي زرع الفاسي ؛ 《 وفى سنة تسع وثمانين ومائة وقدت على أدريس وفود العرب من بلاد افريقية وبلاد الاندلس في نحو الخمس مائة من القيسية والازد ومدحة وبني يحصب والصدف وغيرهم فسر ادريس بوفادتهم واجزل صلاتهم وقربهم ورفع منازلهم وجعلهم بطانته دون البربر فاعتر بهم》. (راجع هنا)

إقرأ أيضا:تاريخ العملات العربية في الصومال

.● يقول الناصيري في كتاب {الإستقصا} ؛ 《 وفدت عليه وفود العرب من إفريقية والأندلس نازعين إليه، وملتفين عليه، فاجتمع لديه منهم نحو خمسمائة فارس من قيس والأزد ومذحج ويحصب والصدف وغيرهم فسر إدريس بوفادتهم وأجزل صلتهم وأدنى منزلتهم وجعلهم بطانة دون البربر فاعتز بهم..، فإستوزر (جعله وزير الدولة) منهم عمير بن مصعب الأزدي وكان عمير من فرسان العرب وسادتها ولأبيه مصعب مآثر بإفريقية والأندلس ومواقف في غزو الفرنج، واستقضى (جعله قاضيا) منهم عامر بن محمد بن سعيد القيسي، وكان من أهل الورع والفقه والدين سمع من مالك بن أنس وسفيان الثوري وروى عنهما كثيراً، واستكتب (جعله كاتب الدولة) منهم أبا الحسن عبد الله بن مالك الخزرجي》. (راجع هنا)

● يقول العلامة أحمد بن عبد الحي الحلبي الفاسي (1623م) ؛ 《هؤلاء الوافدين فاستوزرهم واستعان بهم على مصالح الملك والأمور الدنيوية والأخروية، إذ لا يستغني أحد عن الوزارة، ولو كان أحد يستغني عنها لكان أحق الناس》. (راجع ص245 هنا)

إقرأ أيضا:عدد سكان المغرب في القرن 18

إستقطاب الأدارسة للعرب

● عمل الأدارسة جاهذا على جلب العرب لبلاد المغرب حتى أنهم دفعوا أموالا جزيلة مقابل ذالك، وقد تحقق المراد فكان أول من وفد منهم 500 فارس، ثم توالت الوفود مما مهد لتعريب البلاد، يقول ابن أبي زرع الفاسي ؛ 《 فاستقام الناس لادريس بن ادريس بالمغرب..، بقية سنة ثمانية وثمانين التي ولى فيها يعطى الأموال ويصل الوصول ويستميل الرؤساء والشيوخ، وفى سنة تسع وثمانين ومائة وقدت على أدريس وفود العرب من بلاد افريقية وبلاد الاندلس في نحو الخمس مائة 》. (راجع هنا)

ولم يقتصر الوفود على هؤلاء الخمسمائة فقط بل إستمر نزوح العرب لإدريس والمغرب في أعداد غير معلومة والأصل أن تكون كثيرة، يضيف ابن أبي زرع ؛ 《 ولم يزل الوفود تقدم عليه من العرب والبربر من جميع الافاق فكثر الناس وضاقت بهم مدينة وليلي فلما رأى ادريس أن الأمر قد استقام له وعظم ملكه وكثر جيشه وضاقت بهم المدينة》. (راجع هنا)

وقد وفد على إدريس كذالك جمع غفير من عرب أرباض قرطبة الأندلسيين الذين طردهم الحكم بن هشام الأموي، ويقول عن عددهم المؤرخ المغربي أبو مروان عبد الملك الوراق الفاسي (1160م) ؛ 《 كانت مدينة فاس في القديم بلدين لكل بلد منهما سور يحيط به وأبواب تختص به والنهر فاصل بينهما وسميت إحدى العدوتين عدوة القرويين لنزول العرب الوافدين من القيروان بها وكانوا ثلاثمائة أهل بيت وسميت الأخرى، عدوة الأندلس لنزول العرب الوافدين من الأندلس بها وكانوا جمعاً غفيراً يقال أربعة آلاف أهل بيت》. (راجع المصدر هنا أو هنا)

إقرأ أيضا:فتح الأندلس القصة الحقيقية بين المنطق والخرافة

ويقول المستشرق والمؤرخ الفرنسي أندريه كلو عن عدد هذه العائلات في كتاب 《هارون الرشيد》؛ ” وفي عام ٨١٤م وبعد سقوط الانتفاضة ضد الأمويين طردت ثمانية آلاف عائلة عربية من إسبانيا وجاءت تسكن فاس، وقد أطلق على المنطقة التي أقاموا فيها اسم حي الاندلس ولا زالت باقية لحد الآن .. وقد بلغت مملكة الأدارسة ذروتها خلال النصف الأول من القرن التاسع الميلادي ، حيث أصبحت مركزاً تجارياً ومهداً للإشعاع الفكري والحضاري والديني امتد إلى مصر “. (راجع ص78 من الكتاب)

وذكر ابن أبي زرع كذالك أنهم كانوا ثماني ألاف، لكن القول الأول يبقى المنطقي والأصح والأقرب زمنيا، وقد أشار ابن خلدون لعروبة هؤلاء النازيحين إلى العدوة بذكر أحد أهم شخصياتهم فيقول ؛ 《 واستعمل عليها ثعلبة بن محارب بن عبد الله، كان من أهل الربض بقرطبة من ولد المهلب بن أبي صفرة الأزدي 》. (راجع هنا)

ومعلوم أن قرطبة وأرباضها كانت تستوطن من قبل العرب منذ فتح الأندلس قال  ابن بسام الشنتريني( 1058-1147م)، عن قرطبة وأهلها قائلا في نص شعري: 《وبالجملة فأكثر أهل بلاد هذا الأفق -يعني قرطبة خاصةً والأندلس عامَّة- أشراف عرب المشرق افتتحوها، وسادات أجناد الشام والعراق نزلوها؛ فبقي النسل فيها بكل إقليم، على عرقٍ كريم، فلا يكاد بلد منها يخلو من كاتب ماهر، وشاعر قاهر》.(راجع هنا)

وعندما تكلم ابن خلدون الحضرمي عن دولة الأدارسة ومكوناتها قال ؛ 《 أهل الدولة من العرب والبربر والموالي》 فالعرب كانو أول فئات دولة الأدارسة ونخبتها. (راجع هنا)

● بناء العرب مدينة فاس

قال المؤرخ المغربي أبو مروان عبد الملك الوراق الفاسي 1160م ؛ 《 كانت مدينة فاس في القديم بلدين لكل بلد منهما سور يحيط به وأبواب تختص به والنهر فاصل بينهما وسميت إحدى العدوتين عدوة القرويين لنزول العرب الوافدين من القيروان بها وكانوا ثلاثمائة أهل بيت وسميت الأخرى، عدوة الأندلس لنزول العرب الوافدين من الأندلس بها وكانوا جماً غفيراً يقال أربعة آلاف أهل بيت》. (راجع هنا)

وقد كانت فاس تقطنها قبل ذالك قبائل بدو بربر بخيامهم يقول ابن أبي زرع الفاسي ؛ 《 كان يسكن مدينة فاس قبيلتان من زناتة زواغة وبنو يرغش وكانوا أهل أهواء مختلفة منهم على الاسلام ومنهم على النصرانية ومنهم على اليهودية ومنهم على المجوسية، وهم بنو يرغش وكانوا يسكنون بخيامهم بحومة عدوة الاندلس الآن وكانت بيت نارهم بموضع يعرف بالشيلوية، وكانت زواغة يسكنون بحومة عدوة القرويين، وكان القتال بين القبيلتين لا يزال على مر الايام فلما أتى إدريس مع عمير لينظر إلى الموضع الذي ارتاده له 》. (راجع المصدر هنا)

وقد أفرد لنا ابن أبي زرع عدة دلائل تؤكد أن العرب هم من شيدو مدينة فاس فيقول ؛ 《 وصل إلى موضع مدينة فاس فنظر إلى ما بين الجبلين غيظة ملتفة الاشجار مطردة بالعيون والانهار وفى بعض مواضع منها خيام من شعر يسكنها قبائل من زناتة يعرفون بزواغة وبنى يرغش فرجع عمير الى ادريس فاعلمه بما وقع عليه من الأرض وما استحسنه من كثرة مياهها وطيب ترتبها ورطوبة هوائها وصحتها..، فاعجبه ما رعاه من ذلك وسأل عن مالكى الارض فقيل له قوم من زواغة يعرفون ببنى الخير فقال ادريس هذا قال حسن فبعث اليهم واشترى منهم موضع المدينة》 . (راجع هنا)

● فصاحب إختيار الموضع والذي باشر مع المولى إدريس شرائه حتى تشيد المدينة هو عمير بن مصعب الأزدي.

يقول ابن أبي زرع بعد إختيار الموقع ومباشرة البناء ؛ 《وشرع في بنيانها فبنا جزءا من سورها فأتي سيل من اعلاء الجبل في بعض الليالي فهدم جميع ما كان بناه من السور المذكور وحمل حوله من خيام العرب وافسد كثيرا من الزرع 》.

● ومن هذه الرواية نتأكد أن العرب هم الذين كانو عمالا في مشروع المدينة وكانت خيامهم في ذالك الموضع المتضرر بعد تشييدهم السور الخاص بالمدينة.

ويزيد ابن أبي زرع التأكيد فيضيف أنه لما فرغ ادريس الثاني من بناء المدينة وأدار السور حولها وترتيب الأبواب في مدة تتراوح ما بين ثلاثة أو أربعة سنوات، عمل على استقرار القبائل العربية بها فأنزل كل قبيلة بناحية من نواحيها فنزلت العرب القيسية من باب افريقية الى باب الحديد من أبواب عدوة القرويين، ونزلت الأزد بجوارهم، ونزل اليحصبيون بجوار القيسية من الجهة الأخرى . (راجع هنا)

السابق
الدولة المرينية والعرب
التالي
مذكرات باحث عن الحياة

اترك تعليقاً