في كتاب “مقدمة” الشهير، يُقدم ابن خلدون تعريفًا مفصلاً للمجتمع يتخطى حدود التجمع العشوائي للأفراد. حسب وجهة النظر الخلدونية، المجتمع هو منظومة متكاملة من البشر الذين يقيمون في منطقة جغرافية مشتركة ويعيشون تحت مظلة ثقافة واجتماعية واحدة. هذه المنظومة ليست فقط مكانيًا ولكنها أيضاً ذات بُعد زمني ديناميكي. حيث يميز ابن خلدون بين فترة ازدهار أولية يسميها “الدولة الأم”، تليها مراحل الانحدار التدريجي بسبب تغييرات مثل التحولات الديموغرافية والاقتصادية والثقافية الداخلية.
هذه الرؤية تعتمد بشدة على العنصر البشري باعتباره المحرك الأساسي للتغيرات الاجتماعية. رغم أهمية العوامل الخارجية الأخرى، فإن ابن خلدون يؤكد دوماً على تأثير الإنسان المباشر والدينامي في تشكيل المجتمع وصيانته وهويته. لذلك، يمكن اعتبار ثلاث نقاط أساسية هي جوهر تعريف ابن خلدون للمجتمع: الأولوية المكانية المشتركة، النظام الثقافي المتداخل، وأهمية الإنسان كمؤثر دائم ومعتمد عليه في الحياة الاجتماعية.
إقرأ أيضا:الدارجة المغربية : الحَاصِل او الحاصول