في فكر ابن تيمية، تتجلى تناقضات واضحة في موقفه من السلطة الدينية والسياسية. من جهة، يؤكد ابن تيمية على أهمية دور الخليفة أو الإمام في الحكم السياسي للأمة الإسلامية، معتبراً وجود حاكم مسلم عادل شرطاً ضرورياً لسلامة المجتمع واستقراره. هذا التأكيد يعكس الرؤية التقليدية للإسلام حيث يلعب الحاكم دوراً مركزياً في تطبيق الشريعة والحفاظ على الأمن. ومع ذلك، وفي تناقض واضح، يحذر ابن تيمية من مخاطر الجمع بين القوة الدينية والقوة السياسية تحت نفس الشخص أو الجهة، مشيراً إلى خطورة الاستبداد السياسي المحتمل. هذا التناقض يظهر بشكل خاص في موقفه تجاه فتاوى علماء الدين وتطبيقها بالقانون العام، حيث يرى أن شأن الدين بعيد عن سيطرة البرلمان أو الحكومة، وأن هناك فرقاً جوهرياً بين حكم الله وحكم الناس. رغم تأكيده على سلطة الخليفة في السياسة العامة، إلا أنه كان حذراً جداً فيما يتعلق بتوجيه الدولة باستخدام الفتوى كمصدر رئيسي للقوانين المدنية. هذا الانفصال المنظور بين الأصول الدينية والأمور العملية يعطي انطباعاً بأن ابن تيمية ربما لم يكن راضياً تماماً بنظام الحكم الموحد الذي يجمع كلتا الصفتين تحت مظلته الواحدة.
إقرأ أيضا:الدارجة المغربية : السمطة
السابق
الإنجازات والسيرة السياسية للأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، حاكم دولة الكويت
التاليفن إسعاد الآخرين استراتيجيات فعّالة لتحقيق الرضا المتبادل
إقرأ أيضا