نشأ علم الدلالة لدى القدماء العرب من خلال تراكم الرؤى الثقافية عبر قرون طويلة، مما ساهم في تشكيل خريطة معرفية فريدة. كان التركيز على المعاني والمعنى الدلالي من العوامل الرئيسية التي دفعت العرب إلى تأليف العديد من المؤلفات حول جوهر اللغة ومعانيها. هذه المؤلفات شكلت الأساس للدراسات اللغوية المبكرة، حيث سعى العلماء لتوضيح الربط بين الوجود الذهني للفظ ومفهومه الواقعي. من أبرز الشخصيات التي أثرت في تطور هذا العلم هو أبو الفتح بن جني، الذي ترك تراثًا فكريًّا غزيرًا، ومن أشهر كتبه “الأحكام” الذي يُعتبر جسراً بين التراث الإسلامي والفكر الحديث في مجال النقد الأدبي والدلالي. اهتم اللغويون المسلمون بشكل خاص بدلالة الكلمات وفروعها المختلفة، بما فيها مصطلحات القرآن الكريم، مما يدل على حرصهم الشديد على ضبط المصاحف وتوضيح معانيها. كما أن بداية ظهور علم النحو ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالنظر في دلالتها الصوتية والسكونية حسب السياقات المستخدمة.
إقرأ أيضا:كتاب أساسيات الجيولوجيا
