ولد أبو زكريا يحيى بن محمد بن أحمد بن العوام في إشبيلية بالأندلس، لا يعرف بالتحديد تاريخ مولده وتاريخ وفاته، إلا أنه عاش في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي. يعتبر ابن العوام من أعظم علماء عصره في الفلاحة والطبيعة.
ألف العديد من الكتب في مواضيع اهتماماته العلمية ،من بينها “رسالة في تربية الكروم” و“أخبار العباد” و“المنزل الريفي” (وفيه يشرح بالتفصيل أهم صفات وأعراض أمراض الحيوانات الداجنة التي تعيش بالمنزل الريفي، وكيفية تربية هذه الطيور ورعايتها، والأدوات المستعملة في تربيتها). إلا أن اسمه اقترن مع كتابه ” الفلاحة الأندلسية” وهو كتاب في معرفة اختيار الأرض والأزبال ومنفعتها وطبيعة المياه والأغراس والتطعيم والتسميد وإخصاب الأشجار وريها وإعطاء الثمر طعماً عطرياً وطرق حفظ الحبوب وفي معرفة تربية الأبقار والماعز والخيول … وفصول تناسلها وطرق تسمينها وترويضها وأمراضها وطرق علاجها، كما يتضمن وصفا دقيقا ل 585 نبته منها 55 شجرة مثمرة.
هذا الكتاب مبني على آراء أجلة الفلاحين ومن نقل عنهم أقوالهم (المقدمون منهم كبارون وكارطيوس وديمقراطيس، والمتأخرون في زمانهم، منهم الرازي، وأبو حنيفة الدينوري، وثابت بن قرة). كما اعتمد ابن العوام على التجربة في أبحاثه، إذ اتخذ لنفسه حقلاً في جبل الشرف قرب إشبيلية، ليطبق أفكاره ونظرياته في الزراعة والفلاحة. والكتاب مليء بالأخبار التي وقعت في الجبل والتي تدور حول مشاهداته وتجاربه فيما يتعلق بالنبات والأراضي الزراعية، وسبل التخلص من الحشرات والتصدي للقوارض والآفات النباتية، وغيرها من النشاطات المتعلقة بمجال الفلاحة.
إقرأ أيضا:قبيلة الشياظمة العربيةيعتبر كتاب “الفلاحة الأندلسية” موسوعة ضخمة في الفلاحة إذ بقي مرجعا زراعيا في إسبانيا وفرنسا حتى القرن 18 هجري، يقول مايرهوف : “إنه أحسن كتاب عربي في العلوم الطبيعية وعلم النبات”. وتمت ترجمته إلى الإسبانية، والفرنسية والأوردية والتركية والإيطالية والإنجليزية لقيمته العلمية الكبرى في ميدان الفلاحة نظرياً وعمليا، إلا أنه بقي مهملا في لغته الأصلية لأن الجامعات العربية تدرس علوم الفلاحة بغير اللغة العربية.
إقرأ أيضا:كتاب الأمثال الشعبية في الوطن العربي لعبد الحكيم الحمري درويشلا يمكن حصر أثار ابن العوام في مجال تأليف الكتب إذ يعتبر مهندس عصره في توزيع المياه، فهو أول من وضع طريقة الري بالتنقيط، واستخدم الفخار في قنوات الري وتوزيع المياه على الأراضي، كما أنه قدم دراسة مبتكرة فيما يعرف الآن بـ «التقويم الزراعي»، حسب قول الدكتور كارم السيد غنيم (الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر والأمين العام لجمعية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة).