تاريخ وأحداث

قبائل دكالة العربية

يعد إقليم دكالة من بين أهم المناطق العربية في المغرب إلى جانب الغرب وشياظمة وعبدة…إلخ، وقد إستوطن هذه المنطقة بعض من القبائل التي كانت تنتمي لحلف مصمودة.

إلا أن هذه المنطقة ستعرف تغيرا ديموغرافيا كبيرا في عهد الموحدين، ترتب عنه تهجير وإبادة القبائل المصمودية وتعويضها بالهلالية التي إحتلت تلك البلاد وأدى تغلغلها المكثف في زمن بني مرين والسعديين إلى طرد من بقي من المصامدة هناك والقلة القليلة المتبقاة منهم تعربت بمصاهرتها وإندماجها مع عرب بني هلال ومعقل، فأصبحت تعرف هذه المنطقة بدكالة العربية لتنقسم فيما بعد فتضم عبدة.

يقول جوزيف كولڤن (1488-1541م) ؛ ” أعراب بني هلال، قد أدت إلى إبعاد كل برابر دكالة نحو الجبال، بمن فيهم اليهود الذين كانوا آنذاك مستقرين بأسفي”. (هنا)

وقد أشار لهذا الطرد والتهجير القسري للبربر المختار السوسي الإلغي عند كلامه عن أحد علماء رجراجة قائلا ؛ “أبوه سعيد الرجراجي، ويظهر أنه يمت إلى آل علي بن أيوب، وإن لم نجد له ذكرا بين رجالاتهم، ولعله أحد أسلافهم الأولين الذين نزلوا في تلك الجبال هروبا من العرب الذين انتشروا في سبائط دكالة إلى الشياظمة “. (راجع هنا)

إقرأ أيضا:تجويد القرآن الكريم بغير اللغة العربية !!!

ويقول ميشيو بلير ” إن التعرف على القبائل البربرية التي كانت تسكن دكالة قبل مجيء عرب بني هلال أمر مستحيل”. (ر.هنا)

أما عن المصامدة الأصليين الذين كانوا يسكنون بلاد دكالة قديما يقول في وصفهم أبو سعد السمعاني {1113-1166م} في كتابه «الأنساب» : المصامدة وهم رجال بأقصى المغرب لهم بلاد كثيرة يقال لها بلاد المصامدة وهم قوم سود طوال حافظون لكتاب الله “. (راجع هنا)

وعليه فإن المصامدة الأصليين كانو سود البشرة طوال القامة ناصرين لدين الله تعالى، وسواد المصامدة الأصليين مجمع عليه تاريخيا.

وبخصوص ما حل بهم وكيفية طردهم وإبادتهم من دكالة يخبرنا إبن الأثير الجزري 1160م : “ وفي سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة : سار بعض المرابطين من الملثمين إلى دكالة، فإجتمع إليهم قبائلها، وصاروا يغيرون على أعمال مراكش، وعبد المؤمن لا يلتفت إليهم، فلما كثر ذلك منهم سار إليهم سنة أربع وأربعين، فلما سمعت دكالة بذلك انحشروا كلهم إلى ساحل البحر في مائتي ألف راجل وعشرين ألف فارس، وكانوا موصوفين بالشجاعة.

إقرأ أيضا:تاريخ و أصول سكان بني ملال

وكان مع عبد المؤمن من الجيوش ما يخرج عن الحصر، وكان الموضع الذي فيه دكالة كثير الحجر والحزونة، فكمنوا فيه كمناء ليخرجوا على عبد المؤمن إذا سلكه، فمن الإتفاق الحسن له أنه قصدهم من غير الجهة التي فيها الكمناء، فانحل عليهم ما قدروه، وفارقوا ذلك الموضع، فأخذهم السيف، فدخلوا البحر، فقتل أكثرهم، وغنمت إبلهم وأغنامهم وأموالهم ، وسبي : نساؤهم وذراريهم“. (راجع هنا)

ويقول صاحب 《الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية》: ” وفي أثناء ذلك قاتل عبد المؤمن قبيلة دكالة، فانحازت إلى الساحل في نحو عشرين ألف فارس ومائتي ألف راجل، وسار إليهم عبد المؤمن في أمم لا تحصى من الخيل والرجال والرماة، وكان أهل دكالة لا رأي عندهم، ولما اصطفوا وتأهبوا للقتال جاءهم من ناحية أخرى غير الناحية التي اعتقدوها؛ فانحل نظامهم، وفلّ جمعهم، وخرجوا من وعر الموضع الذي كانوا فيه؛ فألجأهم السيف إلى البحر ؛ فهلك أكثرهم غريقا في الماء، وأخذت أموالهم وغنمهم وأهليهم، وسبي أولادهم، وانتهى البيع فيهم إلى بيع المرأة بدرهم والغلام بنصف معًا”. (راجع هنا)

أصل الكلمة

إن أول من أطلق مصطلح دكالة هو الإدريسي في نزهة المشتاق، وهي كلمة إستعملها لوصف الإقليم وليس السكان وبالتالي فمدلول الكلمة أصلا جغرافي وليس عرقي. (راجع مجلة دعوة الحق العدد 220 لوزارة الأوقاف هنا )

إقرأ أيضا:قبائل المغرب: قبائل زعير العربية

وإذا تمعنا في أصل كلمة دكالة سنجدها عربية صرفة فأصلها كلمة دكلة بفتح دال وتعني الإعتزاز والتفاخر، ويقول العرب الدَّكَلَةُ وهم : القومُ الذين لا يُجِيبُون السُّلْطان من عِزّهم.

جاء في الغريب المصنف :

يحاول بعض دعاة التمزيغ شلحنة تسمية دكالة بتحريفها وإصطناع أصل وهمي لها كعادتهم، معلوم أن دكالة وردت في كل كتب التاريخ إجاماعا بهذه الصيغة {دكالة}، والفرق بينها وبين دكلة العربية حرف الألف فقط.

المراجع القديمة في أصل قبائل دكالة

إن المراجع التاريخية القديمة والحديثة تؤكد عروبة قبائل دكالة الحالية وخاصة منذ عهد بني مرين، فنجد الحسن الوزان الملقب بليون الإفريقي (1488-1554م)، يذكر في كتابه وصف إفريقة :

كما أشار لعرب دكالة الدون خورخي دي هنين (1603م) الدبلوماسي مرافق السلطان إبن زيدان بن أحمد المنصور الذهبي السعدي في مذكراته 《وصف الممالك المغربية》 فيقول ؛

وهو ما أكده الإمام أبو زيد عبد الرحمان الفاسي (1631-1685م)، في كتاب الأقنوم، عروبة قبائل قبائل دكالة بالوصف والدقة كونه على معرفة كبيرة بالمنطقة فيقول :

ونفس التأكيد أيده المؤرخ محمد الصغير الإفراني من بني يفرن (1666-1744م)، بحيث يحيل في كتابه “صفوة من انتشر في أخبار صلحاء القرن الحادي عشر”، الصفحة 289، عن عروبة دكالة فيقول :

كما ذكر في الإبتهاج، 《 ورد في كتاب ” زهرة الآس في بيوتات أهل فاس” 》 عروبة دكالة كما يلي :

.

ويقول عبد الحفيظ الفاسي (1879م)، في كتابه معجم الشيوخ :

وإلى جانب ماسلف نجد كذالك العلامة المختار السوسي (1900-1963م)، يحيل بشكل صريح على عروبة قبائل دكالة الحالية في كتابه المعسول قائلا :

أما بخصوص المراجع الأجنبية التي تناولت دراسة التكوين البشري لدكالة نذكر على سبيل المثال :

أولا : مرجع الدكتور أكبر صلاح الدين أحمد، أكاديمي باكستاني أمريكي، قام بالتدريس في جامعة هارفرد الأمريكية وبرينستون، وهو يتولى اليوم كرسي ابن خلدون للدراسات الإسلامية في الجامعة الأمريكية، يقول في كتابه( Islam in Tribal Societies)، الصفحة 87، حول قبائل دكالة :

ثانيا : القبطان جيمس رايلي (1770م)، هو رحالة ومستكشف أمريكي من أهل القرن الثامن عشر ميلادي، أسر هو وطاقمه في رحلته للصحراء الافريقية بعد تحطم سفينته في سواحل الصحراء المغربية، فقبض عليه عرب أولاد أبي السباع الذين سيقضي معهم مدة ويتعرف على أحوالهم، وعلى باقي أحوال عرب الصحراء والمغرب بعد جولانه معهم فيه ومن المناطق التي زارها بلاد عبدة ودكالة، وعنها وسكانها يقول ؛

راجع هنا

ثالثا : مرجع إدوارد ويسترمارك (Edward Westermarck)، وهو فيلسوف وعالم اجتماع فنلندي ولد سنة 1862م، درس تعدد عادات وتقافات قبائل المغرب بين العرب والبربر في كتابه المعنوت ب(Ritual and Belief in Morocco)، يقول فيه عن منطقة دكالة :

ثالثا : مرجع رجل الأعمال البريطاني جيمس جراي جاكسون (JAMES GREY JACKSON )، من أهل القرن الثامن عشر ميلادي، أقام في المغرب مدة ستة عشر سنة، جاب فيها كل منطقة من بلاد المغرب ونزل ضيفا على قياد البلاد وعلى السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله رحمه الله، وقد أعد كتابا وصف فيه المغرب وصفا دقيقا قبليا وجغرافيا سنة 1809م، عنوانه ” An Account of the Empire of Morocco and the Districts of Suse and Tafilelt” ، ويقول فيه عن دكالة أنها منطقة عربية فجاء في كتابه :

” على بعد أربعة وأربعين ميلاً إلى الجنوب من دار البيضاء ، تقع بلدة أزامور، في إقليم دكالة العربي “.

تقسيم قبائل دكالة

جاء في مجلة “L’Année géographique“ الجزء 14 المنشورة سنة 1878م، عن جغرافية المغرب : ” ولاية دكالة بلد من السهول خالية من الأشجار، يندر فيها الماء، ويبلغ عدد سكانها وهم من العرق العربي، نحو 100 ألف نسمة…، الاهتمامات الرئيسية لهؤلاء العرب هي زراعة الحبوب، أو الحناء، وكذلك تربية الماشية والنحل.

وإلى الجنوب من هذه الولاية تبدأ ولاية عبدة، حيث تتناوب السهول الكبيرة مع التلال، وفيها ميناء صافي، وهو رابطها الرئيسي، ينتمي سكان محافظة عبدة البالغ عددهم 128.000 نسمة إلى أربع عشرة قبيلة عربية مقسمة بين أمرين (قائدين) ؛ يزرعون الحبوب ويربون الخيول. (راجع هنا)

التقسيم القبلي لعرب دكالة

يقول العلامة عبد الله بن محمد بن البشير المقدم الرجراجي السعيدي المصمودي في كتاب 《 السيف المسلول فيمن أنكر على الرجراجيين صحبة الرسول 》 : ” وأما العرب الذين زاحموا المصامدة في بلادهم كما في كتاب { الاقنوم والترجمان المعرب } فهم : عرب دكالة بنو هلال اولاد عمران، اولاد عمرو، العونات، اولاد فرج، اولاد بوعزیز، اولاد اسبيطة، عبدة، أهل العامر، الشياظمة، اولاد دليم، اولاد أبي السباع، المنابهة، اولاد امطاع، الرحامنة، السراغنة، زمران، الشبانات، زرارة، عكارة، بنو مداسن، ومن العرب أيضا حمير {اولاد أحمر} لكنها من عرب اليمن فهذا نسبهم على الاجمال.

وقد انجلت قبائل البربر عن هذه البلاد إلى أطرافها ولم يبق إلا يسير منها : زوايا رجراجة المتحدث عنهم، وبنو دغدوغ، وصنهاجة، وغيرهم على قلة، وجمهور المستوطنين حوز مراكش الى البحر من العرب المذكورين “. (راجع الصفحة 41 من الكتاب هنا )

● فقبائل عرب دكالة هي إذن ؛

قبيلة اولاد فرج : يرجع أصل القبيلة إلى عرب بني هلال، فهم أبناء فرج بن توبة بن عطاف بن جبر بن عطاف بن عبد الله بن دريد بن أثبج بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال.

يقول المؤرخ البرتغالي ديغو دي توريس (1693م)؛ “وكان أهل الغربية وأثبج وهم أيضا من أكابر الأقليم (دكالة)، يدفعون مثل ذلك، وكذلك أولاد عمران، وهم أعراب آخرون أقوياء”. (راجع هنا)

قبيلة اولاد بوعزيز : وينتسبون إلى عرب بني هلال، فهم أبناء عزيز بن محمد بن عبد الله بن علي من بني قرة بن عمرو بن عبد مناف بن هلال، يقول إبن خلدون ؛ ” فأما بنو قرة منهم فبطن متسع إلا أنهم مفترقون في القبائل والمدن وحدانا، وبنو على رئاسة فيهم وهم: عبد الله بن علي وبنوه محمد وماضي بطنان ، وولد محمد عنان وعزيز بطنان “. (راجع هنا) وتدخل في أولاد بوعزيز فرقة من عرب الحياينة من بني معقل. وقد كانت النصوص البرتغالية تذكر قبيلة أولاد بوعزيز « بعرب أزمور » . راجع كتاب دكالة والإستعمار البرتغالي هنا

قبيلة اولاد عمرو: وتنتسب إلى عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال، يقول إبن خلدون ؛ “ويلحق بهؤلاء الأثبج العمور، وغلب على الظن أنهم من ولد عمرو بن عبد مناف بن هلال إخوة قرة بن عبد مناف، وليسوا من ولد عمر بن أبي ربيعة بن هلال “. (راجع هنا)

قبيلة أولاد بوزرارة : قبيلة عربية معقلية، ذكرهم صاحب الإستقصا بقوله “أولاد جرار وأولاد مطاع وزرارة والشبانات وكلهم من عرب المعقل “. راجعه هنا

قبيلة العونـات : وتقع بشرق اقليم الجديدة، ويرجع أصل اسمها الى جدها الأول عون من بني هلال، وفي كتاب إبن خلدون فهو من بني سليم بحيث يقول ؛ “وفي جملتهم أيضا عون بن يحيى بن طالب بن مهلهل من الكعوب أحد شعوب بني سليم ” (راجع هنا)، وقد استقرت بمجالها الحالي منذ أوائل الهجرات العربية في عهد الموحدين. وقد أدخل عليها السلطان العلوي مولاي اسماعيل أحلاف إدريسية.

.

” العونات إحدى القبائل العربية الهلالية الكبرى بدكالة “.

قبيلة الحوزية : إتحاد قبلي عربي يضم عرب معقل، والأشراف الادارسة نقلهم السعديين لدكالة منهم أبناء دليم وتكنة والأوداية. راجع كتاب المقاومة المسلحة هنا

قبيلة أولاد عمران : تنتمي إلى عمران بن منصور بن محمد بن معقل، فهم من ذوي منصور بن معقل وعرفوا بالعمارنة، يقول العلامة الكانوني ؛ “ومن العمارنة كما في زهر البستان – القبيلة التي بين سلا ومكناسة الزيتون والقبيلة التي في طرف دكالة مما يلى مراكش، وهم أولاد عمران الذين في عداد دكالة البيضاء الآن “. (راجع كتاب أسفي للكانوني ص37)

يقول عنهم المؤرخ البرتغالي ديغو دي توريس (1693م)؛ “إن عرب أولاد عمران، وهم محاربون أشداء، فيهم فرسان أبطال”. (راجع كتاب تاريخ الشرفاء ص44)


  • كتاب الكانوني أسفي ماله وما عليه
  • كتاب تاريخ ناحية دكالة دراسة جغرافية وتاريخية واجتماعية لادوارد ترجمة الحاجي الشياظمي السباعي.
  • كتاب شيخ الإسلام ابو شعيب الدكالي الصديقي وجهوده في العلم والإصلاح والوطنية.
  • كتاب السيف المسلول فيمن أنكر على الرجراجيين صحبة الرسول
  • كتاب الاحياء بعد الانساء ج1 ص112.
السابق
استعراب بلاد المغربِ
التالي
كتاب شمس العرب تسطع على الغرب

اترك تعليقاً