يعد علم الجينات حاليا من العلوم التي إكتسبت شعبية واسعة لدى بعض الأمم التي تبحث عن أصولها المجهولة، وتعمق هذه الفئات في هذا العلم بغير دراية جعلهم يخرجون بأقوال منافيه لمبادئه وللمنطق العلمي أيضا، حيث يزعم هؤلاء المتطفلين على العلوم أن علم الجينات يحدد العرق وهو قول لا أساس له جينيا، وأن سكان شمال إفرقية لا تربطهم علاقة جينية بالمشرق، وهذه الهرطقات العلمية أوجبت علينا أن نتطرق لهذا التدليس الذي طال هذا العلم خاصة الشق المتعلق بخصوص سكان شمال إفريقيا، هل هم مشارقة جينيا أم لا ؟، أما عن علاقة علم الجينات بالعرق فهذا موضوع قد سبق توضيحه علميا في مقال على المنصة العربية تحت عنوان جدلية علم الجينات وتحديد الأصول. (يمكنك مراجعته بالضغط هنا)
إن الشعب المغربي حسب الدراسات الوراثية الجينية، هو مشرقي الأصول والجينات، منذ عهد الإيبيروموريسيين { أقدم سكان شمال إفريقيا }، بحيث أن العلماء بعد قيامهم بدراسة جينية على رفات 5 أشخاص من مقبرة تافوغالت المنتميين للحضارة الإيبروموريسية التي تعود ل15000 سنة، تبين أنهم مشارقة جينيا بما نسبته 63.5٪، فقد جاء في الدراسة تفصيلا على مجلة العلوم الأمريكية (Science) :
“ إن جينات الإيبيروموريسين تتشارك في الأصول الجينية المشتركة مع النطوفيين (المشارقة) بما نسبته 63 بالمئة (في المرتبة الأولى) ثم تأتي بعدها جينات جنوب الصحراء الافريقية بنسبة 37 بالمئة “. (راجع الدراسة هنا)
وفي دراسة جينية أخرى صدرت سنة 2021 عن جامعة أوكسفورد البريطانية أكدت هي الأخرى الأصل المشرقيالعربي للإيبروموريسينأقدم سكان شمال افريقيا بحيث جاء فيها بصريح العبارة : “العرب الشرقيون أيضًا هم الأكثر تشابهًا مع الأيبيروموروسيين، الذين كانوا حتى الآن “. (راجع د، هنا)
وعلى نفس المنوال تؤكد دراسة جينية أخرى صادرة عن جامعة أوكسفورد سنة 2022، تحت عنوان (Ancient Human DNA and African Population History)، الأصول الجينية المشرقية لسكان شمال إفريقيا سواء القدامى أو الحالين بحيث جاء فيها :
وما نخلص له من هذه الدراسات العلمية أن العرب وسكان بلاد المغرب لا يفرق أي شيئ بينهم وبين عرب المشرق فكلاهم له أصل وراثي مشترك، وهذه حقيقة علمية لا غبار ولا شك فيها.
“ أظهرت التحليلات على مستوى الجينوم في سكان شمال إفريقيا نمطًا ديموغرافيًا معقدًا…، يتميز هذا السيناريو المعقد بمكوِّن أصلي في مجموعات سكانية شمال أفريقية موجودة ربما تم إدخالها في إفريقيا من الشرق الأوسط في أوقات ما قبل الهولوسين. تُرى المكونات الجينية الأخرى في شمال إفريقيا، مثل مكون جنوب الصحراء الذي ربما تم إدخاله في شمال إفريقيا في الآونة الأخيرة بما يتفق مع تجارة الرقيق جنوب الصحراء الكبرى، ومكون شرق أوسطي قد يكون مرتبطًا بالنيوليتيزيشن أو عمليات التعريب؛ ومكون أوروبي نتيجة لتدفق الجينات عبر البحر الأبيض المتوسط “. (راجع هنا).
وهذا ما أكده كذالك عالم الآثار والأنتروبولوجيا الدكتور وليام ستيبينج (William Stiebing) في مؤلفه العلمي المشترك مع عالمة الآثار الدكتورة سوزان هيلفت (Susan Helft)، بحيث يقول عن خلاصة النتائج الجينية التي أجريت حتى اليوم عن سكان شمال افريقيا :
وإلى جانب ما سلف نستعين كذالك بدراسة الدكتورة أرونا Arauna أستاذة علم الجينوم القديم بجامعة توبنغن الألمانية الصادرة سنة 2015، وقد أشرف على هذه الدراسة المجلس الأعلى للتحقيقات العلمية الإسباني {CSIC}، فقد خلص العلماء من خلال تحليل أكثر من 400 عينة (المغرب)، إلى أن الأصول الوراثية للمغاربة الحاليين يغلب عليها العنصر المشرقي الممثل في (سوريا)، وهو مرتبط أساسا بهجرات عكسية من الشرق الأوسط لشمال إفريقيا مند العصر الحجري الحديث حتى الفتح العربي الإسلامي.
يمكن الملاحظة من خلال المبيان أعلاه أن العنصر المشرقي الممثل ب(سوريا)، هو الطاغي والأساسي لدى سكان المغرب خاصة وشمال إفريقيا عامة، بينما العنصر الإفريقي والأوروبي جد قليل، وهو ما يؤكد أيضا أن المغاربة هم مشارقة في أصولهم الجينية مثلهم مثل عرب المشرق وغيرهم. (راجع الدراسة هنا)
كما أن العلماء قامو بإجراء مقارنة بين الأصول الوراثية لعرب المغرب والبربر، فكانت النتيجة أنه لا يوجد إختلاف وراثي فكل من الفئتين لها أصول شرق أوسطية عالية جدا، كما هو مبين في المبيان أسفله :
يلاحظ من خلال المبيان أعلاه أن المكون الشرق الأوسطي الممثل في سوريا (باللون الأزرق)، هو المهيمن والطاغي على أصول المغاربة الوراثية سواء العرب أو البربر. (راجع المصدر هنا)
التحليل لدى الشركات الجينية التجارية أي حجية علمية
يظن عدد كبير من العامة أن التحليلات التي تجريها الشركات التجارية اليهودية والأمريكية، لها حجية علمية وأنها تحدد العرق أو الأصول، وهذا بطبيعة الحال شيئ منكر علميا فلا يوجد أي إعتراف علمي بصحة النتائج التي تصدر عن هذه الشركات بل إن العلماء وذوي الإختصاص يحدرون من خطورة هذه التحاليل على المستفيد تحت غطاء وهم تحديد العرق.
وإن العلماء من خلال هذه الدراسة أكدوا محدودية التحاليل الجينية التي تجريها هذه الشركات التجارية في تحديد العرق والأصول بصريح العبارة بقولهم : ” الناس غالبًا ما يشترون الاختبارات الجينية للتعرف على عرقهم أو إثنيتهم، ولكن لا توجد علاقة واضحة بين الحمض النووي للفرد وانتمائه العرقي أو الإثني” .
وهذا أيضا ما قد سبق وأكدته الحكومة الأمريكية وهي تحدر المواطنين من خطورة ما يسمى التحليل الجيني للأصول البعيدة وإختابه وراء وهم العرق والمصداقية فتقول :
وهذا نفس ما كانت قد صرحت به الدكتورة روزي كامرون (Rose Cameron) أستاذة في علم النفس بجامعة إدنبورغ البريطانية قائلة : “ إن العرق عاد إستغلاله أكثر من أي وقت مضى ولكن هذه المرة من طرف الشركات الجينية“. (راجع هنا)
ونشير قبل أن نختم هذه الفقرة إلى حقيقة هامة مفادها أن كل الشركات التي تعنى بتحليل الحمض النووي هي يهودية سواء تواجد مقرها الرئيسي في إسرائيل أو أمريكا، فشركة 23andme مؤسستها Anne Wojcicki وهي يهودية الأصول، كذالك شركة MyHeritage مؤسسها صهيوني ومقرها الرئيسي إسرائيل، كما أن شركة FamilyTreeDNA مؤسسها Bennett Greenspan يهودي صهيوني أمريكي، وهذه هي أمهات الشركات في هذا المجال.
وهذه الشركات كما أسلفنا غرضها تجاري تدليسي صرف، ولا توجد أي مصداقية علمية في تحاليلها فهي ستعطيك أصول عرقية وهمية حتى لو أرسلت لهم عينة لأحد الحيوانات مكان عينتك وهذا ما قام به أحد الأجانب بحيث أرسل عينة لسحليته(IGUANA)، مكان عينته لشركة مختصة في تحليل الجينات، فكانت النتيجة أنها من أصول عرقية إفريقية أشكينازية وحاملة للسلالة E على أحد تحوراتها.
والترجمة مفادها : “ إن العديد من سكان شمال إفريقيا الحاليين يشبهون سكان الشرق الأدنى الحاليين من الناحية الوراثية أكثر من أولئك الذين يعيشون في جنوب الصحراء الكبرى“.