تاريخ وأحداث

أصل تسمية أسفي

آسَفِي (أيضًا أَسْفِي) مدينة مغربية ساحلية وعاصمة إقليم آسفي وثاني أكبر مركز حضري في جهة مراكش آسفي بعد أن كانت قبل عام 1436 عاصمة جهة دكالة عبدة الملغاة وكبرى مدنها. وصفها ابن خلدون بـ«حاضرة البحر المحيط»، في معرض ذكره لحدود المغرب الأقصى حيث قال: «هو ما بين وادي ملوية من جهة الشرق إلى آسفي حاضرة البحر المحيط وجبال درن من جهة الغرب».

وعنها يقول لسان الدين بن الخطيب السلماني في معيار الاختيار : “رباط أسفي لطف خفى، ووعد وفي ودين ظاهره مالكي، وباطنه حنفي، الدماثة والجمال، والسداجة والجلال، قليلة الأحزان، صابرة على الاختزان، وافية المكيال والميزان، رافعة للداء بصحة الهواء، بلد موصوف برفيع ثياب الصوف، وبه تربة الشيخ أبي محمد صالح، وهو خاتمة المراحل لمسورات ذلك الساحل، لكن ماءه قليل، وعزيزه لعادية من يواليه من الأعراب ذليل “.(راجع المصدر هنا)

التسمية وأصلها

يقول الشريف الإدريسي في نزهة المشتاق  : “ أسفي بالمد والسين المهملة مفتوحة وفاء مكسورة“. وقال ياقوت في معجم البلدان: “ أسفي بفتحتين وكسر الفاء بلدة على شاطى البحر المحيط بأقصى المغرب “. وقال محمد أمين في منجم العمران وجدت في تقويم البلدان لأبي الفداء وقد ضبطها عن ابن سعيد بفتح الهمزة وكسر الفاء اخرها ياء مثناة من تحت اه “. (راجع هنا)

إقرأ أيضا:التقسيم القبلي للعرب في المغرب خلال القرن الثامن عشر (جيمس. ج. جاكسون) مُوَضِّحاً

إن أقدم إشارة لمدينة أسفي كان في كتاب نزهة المشتاق للشريف الإدريسي، بحيث أشار إليها صراحة بقوله : “ومرسى آسفي كان فيما سلف آخر مرسى تصل إليه المراكب ، فأما الآن فهي تجوزه بأكثر من أربعة مجار، وأسفي عليه عمارات…، وإنما سمي هذا المرسى بآسفي لأمر سنأتي به عند ذكرنا لمدينة إشبونة بغربي الأندلس، وذكر الشيء في موضعه أليق وأوفق والحمد لله كثيرا“.

وسيقول الإدريسي في موضع لاحق، في فصل طويل عن سبب تسمية هذه المدينة بآسفي :

“من مدينة لشبونة (عاصمة البرتغال الأن) من غربي الأندلس كان خروج المغرورين في ركوب بحر الظلمات، ذلك أنه اجتمع ثمانية نفر كلهم أبناء عم وأنشأوا مركبا وأدخلوا فيه الزاد والماء ما يكفيهم شهورا، ثم نزلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية، فجروا بهذا الريح إثنى عشر يوما، فوصلوا إلى بحر غليظ الموج، كدر الروايح، كثير التروش، قليل الضوء، فأيقنوا بالتلف، فردوا قلاعهم وجروا في البحر في ناحية الجنوب إثنى عشر يوما ؛ فخرجوا إلى جزية الغنم، وفيها من الغنم مالا يأخذه عدو لا تحصيل، وهي سلوحة لا ناظر لها ولا راع، فقصدوا الجزيرة ونزلوها فوجدوا عين بماء جاريةً، عليها شجرة تينٍ برىٍ، فأخذوا من تلك الغنيم فذبحوها فوجدوا لحومها مرةً لا يقدر أحد على أكلها، فأخذوا من جلودها وساروا مع الجنوب اثنى عشر يوماً إلى أن لا حت لهم جزيرة، فنظروا فيها إلى عمارةٍ وحرثٍ، فقصدوا إليها ليروا ما فيها، فما كان إلا غير بعيدٍ حتى أحيط بهم في زوارق، فأخذوا وحملوا إلى مدينةٍ على ضفة البحر، فأنزلوا بها في دارٍ، فرأوا بها رجالاً شقراً زعراً، شعورهم سبطة، وهم طوال القدود، ولنسائهم جمال عجيب، فاعتقلوا في بيت ثلاثة أيام ثم دخل عليهم في اليوم الرابع رجل يتكلم باللسان العربي، فسألهم عن حالهم، وفيم جاؤوا، وأين بلادهم فأخبروه بكل خبرهم فوعدهم خيراً، وأعلمهم أنه ترجمان؛ فلما كان في اليوم الثاني من ذلك اليوم أحضروا بين يدي الملك، فسألهم عما سألهم عنه الترجمان فأخبروه بما أخبروا به الترجمان بالأمس، وأنهم اقتحموا البحر ليروا ما فيه من العجائب، وليقفوا على نهايته، فلما علم الملك ذلك ضحك وقال للترجمان: أخبر القوم أن أبي أمر قوماً من عبيده بركوب هذا البحر، وأنهم جروا في عرضه شهراً إلى أن انقطع عنهم الضوء وانصرفوا من غير فائدةٍ تجدي، ثم وعدهم خيراً، وصرفوا إلى موضع حبسهم، إلى أن بدأ جرى الريح الغربية؛ فعمر بهم زورق وعصبت عيونهم وجرى بهم في البحر برهةً من الدهر.

إقرأ أيضا:قبيلة اولاد مساعد بزاكورة

قال القوم: قدرنا أنه جرى بنا ثلاثة أيامٍ بلياليها، حتى جئ بنا إلى البر، فأخرجنا وكتفنا إلى خلفٍ، وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار، وطلعت الشمس، ونحن في ضنكٍ وسوء حالٍ من شدة الكتاف، حتى سمعنا ضوضاء وأصوات ناسٍ فصحنا بجملتنا، فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحال السيئة؛ فحلوا أو ثاقنا وسألونا فأخبرناهم بخبرنا، وكانوا برابر، فقال لنا أحدهم: أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم؟ فقلنا: لا، فقال: مسيرة شهرين! فقال زعيم القوم: واأسفى! فسمى المكان إلى اليوم آسفي، وهو المرسى الذي في أقصى المغرب. (راجع هنا/هنا)

خلاصة قصة التسمية

يستخلص من القصة الطويلة التي أوردها العالم الجغرافي العربي الشريف الإدريسي (1090م)، عن تسمية مدينة آسفي المغربية، أنها مرتبطة بالأميرال العربي الخشخاش وأبناء عمه من عرب غسان، الذين جابوا فيافي المحيط الأطلسي والبحر المظلم وإليهم يعود الأصل في تسمية آسفي بحيث يقول الإدريسي صراحة في نزهة المشتاق :

“… قال القوم: قدرنا أنه جرى بنا ثلاثة أيامٍ بلياليها، حتى جئ بنا إلى البر، فأخرجنا وكتفنا إلى خلفٍ، وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار، وطلعت الشمس، ونحن في ضنكٍ وسوء حالٍ من شدة الكتاف، حتى سمعنا ضوضاء وأصوات ناسٍ فصحنا بجملتنا، فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحال السيئة؛ فحلوا أو ثاقنا وسألونا فأخبرناهم بخبرنا، وكانوا برابر، فقال لنا أحدهم: أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم؟ فقلنا: لا، فقال: مسيرة شهرين! فقال زعيم القوم: واأسفى! فسمى المكان إلى اليوم آسفي، وهو المرسى الذي في أقصى المغرب“.

إقرأ أيضا:فتح الأندلس القصة الحقيقية بين المنطق والخرافة

ويقصد بالقوم أعلاه المغرورين الأندلسين وهم الخشخاش وبنو عمه، الذين سيتعرضون لإحتجاز من طرف أحد الشعوب الأوروبية القديمة، وسيرسلون في البحر مكتفين إلى أن ينزلوا بمرسى آسفي حاليا.

السابق
إكتشاف العرب لأمريكا
التالي
دفاعا عن لسان الوحي المبين أكتب….

اترك تعليقاً